وصايا وتحذيرات
ألا إن الولي من ولى وجهه عن النفس والشيطان والدنيا والهوى وولى وجهه
وقلبه إلى المولى وأعرض عن الآخرة والأولى ولم يطلب إلا الله تعالى وإن
القانع من رضي بالقسمة واكتفى بالبلغة
وأحذركم أوصافا وخصالا إياكم
إياكم والاتصاف بشيء منها فإنها السم الناقع أوصيكم بتقوى الله والتباعد عن
الخصال المذكورة وهي الحسد وهو إرادة زوال نعم المحسود والكبر وهو إن يرى
المرء نفسه خيرا من غيره والكذب وهو اختراع كلام على خلاف الواقع وقول قبيح
عار عن صفة المنفعة والغيبة وهي بيان خبث البشرية والحرص وهو عدم الشبع من
الدنيا والغضب وهو غليان الدم لإرادة الانتقام والرياء وهو الاستبشار
برؤية الأغيار
والظلم وهو متابعة النفس على ما تشتهيه
وأقول لكم كونوا دائما بين الخوف والرجاء فالخوف أن يخاف القلب من الله لما علم من ذنوبه والرجاء سكون الفؤاد بحسن الوعد
وأديموا تصفية الروح بالرياضة وهي استبدال الحالة المذمومة بالحالة المحمودة
مروا بالمعروف وانهوا عن المنكر
اجعلوا الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر دينكم إن الدين عند الله الإسلام
ومن أمر بالمعروف ونهى عن المنكر فهو خليفة الله في
أرضه وخليفة رسوله وخليفة كتابه كذا أخبرنا الصادق المصدوق
وقال علي أمير المؤمنين عليه السلام أفضل الجهاد الأمر بالمعروف والنهي عن
المنكر ومن شان الفاسقين وغضب لله وجاهد في الله ولم يبتغ غير الإسلام
دينا غفر الله له
مثل رجال السنة رضي الله عنهم وحال المداهن في حدود
الله تعالى والواقع فيها مثل قوم في سفينة صار بعضهم في أسفلها فأتوه
فقالوا ما لك فقال لا بد لي من الماء فإن أخذوا عليه ومنعوه أنجوا ونجوا
أنفسهم وإن تركوه أهلكوه وأهلكوا أنفسهم
جاء في الخبر ما من قوم عملوا بالمعاصي وفيهم من يقدر أن ينكر عليهم فلم يفعل إلا أوشك أن يعمهم الله بعذاب من عنده
وكان سفيان الثوري رضي الله عنه يقول إذا كان الرجل محببا في جيرانه محمودا عند إخوانه فاعلم أنه مداهن
أجل ومن شاهد منكرا ولم ينكره وسكت عنه فهو شريك فيه والمستمع شريك المغتاب وتجري في هذه جميع المعاصي المنبه عليها شرعا
ألا إن من خالط الناس كثرت معاصيه وأن كان تقيا في نفسه إلا أن يترك المداهنة ولا تأخذه في الله لومة لائم ويشتغل بالحسبة والمنع
اللطف في الحسبة
وأصل الحسبة الشرعية شيئان أحدهما : اللطف والرفق والبداءة بالوعظ على
سبيل اللين لا على سبيل العنف والترفع فإن ذلك يؤكد داعية النفس ويحمل
العاصي على المناكرة والإيذاء
وإذا كان الواعظ فظا سيئ الخلق لا سبيل له لحمقه على
دفع المناكرة يغضب لنفسه ويترك الإنكار لله عز و جل ويشتغل بشفاء غليله من الموعوظ فيصير بذلك عاصيا
جاء في الخبر لا يأمر بالمعروف ولا ينهى عن المنكر إلا رفيق فيما يأمر به رفيق فيما ينهى عنه حكيم فيما يأمر به حكيم فيما ينهى عنه
وبلغنا أن أحد الوعاظ وعظ المأمون العباسي رحمه الله وأغلظ عليه وعنفه
فقال يا رجل ارفق فقد بعث الله من هو خير منك إلى من هو شر مني فأمره
بالرفق فيه بقوله تعالى فقولا له قولا لينا لعله يتذكر أو يخشى
أي
سادة أقول لكم من الله علي فتخلقت بما أمرتكم به وحثثتكم عليه ولكن من البر
أن لا تطلبوا هذا الشرط من واعظ وناصح ولا تظفروا الشيطان بكم بهذه الخصلة
فتقولوا لا نأمر بالمعروف حتى نعمل به كله ولا ننهى عن المنكر حتى نجتنبه
كله إن هذا يؤدي إلى حسم باب الحسبة فمن ذا الذي يعصم من المعاصي
مروا بالمعروف وإن لم تعملوا به كله وانهوا عن المنكر وإن لم تجتنبوه كله
كذا أمرنا نبينا
وأقول لكم مفتاح السعادة الأبدية الاقتداء برسول الله في جميع مصادره
وموارده وهيئته وأكله وشربه وقعوده وقيامه ونومه وكلامه حتى يصح لكم
الاتباع المطلق
بلغنا عن بعض الأئمة أنه ما أكل البطيخ لأنه لم ينقل له كيف أكله رسول الله
وسها بعضهم فابتدأ في لبس الخف باليسرى فكفر عن ذلك بشيء من الحنطة
وإياكم أن تقولوا إن هذه الخصال من الأمور التي تتعلق بالعادات فتهملوها فإن إهمالها يغلق بابا عظيما من أبواب السعادة
وأما العبادات فلا أعرف لعدم اتباعه فيها من عذر إلا أن يحصل ذلك من كفر خفي أو حمق جلي حمانا الله وإياكم
التشريعات المحمدية
أي سادة والله ما أظن أن على بساط الغبراء صاحب عقل يميز فيه بين الخبيث والطيب إلا ويعتقد قلبه ويذعن لبه أن العبادة
التي شرعها الحبيب والعادة
التي كان عليها هي الحالة المرضية عند الرب والخلق وهي الآداب المقبولة عند
الخالق والمحبوبة عند المخلوقين وبها يطمئن القلب ويسكن الروع
أي فرق
لا يدركه العقل من حال المخمور والصاحي ومن حال السارق والأمين ومن حال
الكاذب والصادق ومن حال الزاني والعفيف ومن حال المتكبر والمتواضع ومن حال
البخيل والسخي ومن حال الظالم والعادل ومن حال المبطل والمحق ومن حال
المغتاب والبريء ومن حال الغادر والرحيم ومن حال العابد والنائم ومن حال
الغافل والمتفكر ومن حال الفاجر والبر ومن حال الكافر والمؤمن إن في ذلك
لذكرى لأولي الألباب
الله الله بالمتابعة المحضة لهذا الرسول العظيم الذي جاء رحمة للعالمين وحجة على المخلوقين ونعمة للموحدين
إياكم ونسيان الموت فإنه ينتج من الغفلة وهي من قلة ذكر الله وذلك من قلة الإيمان وأم ذلك الجهل وهو من الضلال
جاء في بعض الكتب الإلهية أن الحق تعالت ذاته يقول يا ابن آدم بعافيتي
قويت على طاعتي وبتوفيقي أديت فريضتي وبرزقي قويت على معصيتي وبمشيئتي تشاء
ما تشاء لنفسك وبنعمتي قمت وقعدت ورجعت وفي كنفي أمسيت وأصبحت وفي
فضلي عشت وفي نعمتي تقلبت
وبعافيتي تجملت تنساني وتذكر غيري ولم تؤد شكري يا ابن آدم الموت يكشف
أسرارك والقيامة تتلو أخبارك والعذاب يهتك أستارك فإذا أذنبت ذنبا صغيرا
فلا تنظر إلى صغره ولكن انظر إلى من عصيت وإذا رزقت رزقا قليلا فلا تنظر
إلى قلته ولكن انظر إلى من رزقك ولا تحقر الذنب الصغير فإنك لا تدري بأي
ذنب عصيتني ولا تأمن مكري فإن مكري أخفى عليك من دبيب النملة على الصخرة في
الليلة المظلمة يا ابن آدم هل عصيتني فذكرت غضبي فانتهيت وهل أديت فريضتي
كما أمرتك وهل واسيت المساكين من مالك وهل أحسنت إلى من أساء إليك وهل غفرت
لمن ظلمك وهل وصلت من قطعك وهل أنصفت من خانك وهل كلمت من هجرك وهل أدبت
ولدك وهل أرضيت جيرانك وهل سألت العلماء عن أمر دينك ودنياك فإني لا أنظر
معاشر الآدميين إلى صوركم ولا إلى محاسنكم وأحسابكم وأنسابكم ولكن أنظر إلى
قلوبكم وأرضى بهذه الخصال عنكم
أي سادة هذه أمور تنكشف يوم القيامة
يوم التغابن يوم الحاقة يوم لا ينطقون ولا يؤذن لهم فيعتذرون يوم الطامة
يوم الصيحة يوم تشيب الولدان يوم الزلزلة يوم القارعة يوم ينسف الجبال يوم
لا تملك نفس لنفس شيئا والأمر يومئذ لله
من نجالس
أي سادة جالسوا العلماء والعرفاء فإن للمجالسة أسرارا تقلب الجلاس من حال
إلى حال ورد في السنة من جلس مع ثمانية أصناف زاده الله ثمانية أشياء 1 -
من جلس مع الأمراء زاده الله الكبر وقساوة القلب 2 - ومن جلس مع الأغنياء
زاده الله الحرص في الدنيا وما فيها 3 - ومن جلس مع الفقراء زاده الله
الرضا بما قسمه الله تعالى 4 - ومن جلس مع الصبيان زاده الله اللهو واللعب 5
- ومن جلس مع النساء زاده الله الجهل والشهوة 6 - ومن جلس مع الصالحين
زاده الله الرغبة في الطاعة 7 - ومن جلس مع العلماء زاده الله العلم والورع
8 - ومن جلس مع الفساق زاده الله الذنب وتسويف التوبة
وورد أيضا
الصحبة مع العاقل زيادة في الدين والدنيا والآخرة والصحبة مع الأحمق نقصان
في الدين والدنيا وحسرة وندامة عند الموت وخسارة في الآخرة
أي سادة ثلاثة لهم شفاعة العالم والخادم والفقير الصابر
قضاء الحوائج
أي سادة خذوا كل وارد غيبي وحادث سماوي بالبشر والرحب وكونوا راضين عن
الله قوموا بقضاء حوائج خلق الله ما استطعتم فإن من قضى لأخيه المؤمن حاجة
في الدنيا قضى الله له سبعين حاجة في الآخرة
ارحموا عزيز قوم ذل وغني
قوم افتقر أكثروا من الصدقة فإن الله يرفع بسببها البلاء أكرموا الضيفان
فإن ذلك كان من عبادته قبل أن يكلف خالقوا الناس بخلق حسن فإن الخلق الحسن
أفضل الأعمال يقال إذا لم تسع الناس بمالك فسع الناس بخلقك أحسن الحسن
الخلق الحسن يبلغ صاحب الخلق الحسن