لا تجعلوا منتهى أنظاركم وغاية
أبصاركم رؤية الخلق ملوكهم وأواسطهم والطبقة السفلى منهم على حال واحد في
العجز والفقر والمسكنة حجب قامت على العيون ستر بها الخالق خلقه وقضى فيهم
بأمره فالعاقل من أدرك هذا الشأن وأعرض عن الحجاب والمحجوب والتجأ إلى
المقيم القديم الذي لا تأخذه سنة ولا نوم ألا له الخلق والأمر
لا تطلقوا ألسن العلماء ومعها قلوب الجبابرة وجراءة الزنادقة وفجور الكفرة إذا أطلقتم الألسن
أمسكوا الجوارح والقلوب عن كل ما يغضب الملك العدل اللطيف الخبير أحسن
حالا مع الله وأحسن مع الناس وأحسن معكم في أنفسكم إذا خلوتم إذا جلوتم إذا
متم إذا بعثتم إذا سئلتم هذا الكتاب لا يغادر صغيرة ولا كبيرة إلا أحصاها
الله يعلم خائنة الأعين وما تخفي الصدور
الله الله أحذركم الله امتثالا ويحذركم الله نفسه
أمرا فقابلوا النصيحة بالقبول
وقابلوا الأمر المطاع بالامتثال وإياكم ومحاربة الله فما فاز من حاد الله
ولا ذل من والى الله ألا إن أولياء الله لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
سند التوحيد
صحت أسانيد الأولياء إلى رسول الله تلقن منه أصحابه كلمة التوحيد جماعة
وفرادى واتصلت بهم سلاسل القوم قال شداد بن أوس رضي الله عنه كنا عند النبي
فقال النبي هل فيكم غريب يعنى من أهل الكتاب قلنا لا يا رسول الله فأمر
بغلق الباب وقال ارفعوا أيديكم وقولوا لا إله إلا الله فرفعنا أيدينا ساعة
ثم قال الحمد لله اللهم إنك بعثتني بهذه الكلمة وأمرتني بها ووعدتني عليها
الجنة وإنك لا تخلف الميعاد ثم قال ألا أبشروا فإن قد غفر لكم
هذا وجه
تلقينه صلوات الله وسلامه عليه أصحابه جماعة وأما تلقينه جماعة منهم فرادى
فقد صح أن عليا رضي الله عنه سأل النبي فقال يا رسول الله دلني على أقرب
الطرق إلى الله وأسهلها على عباده وأفضلها عند الله تعالى فقال أفضل ما قلت
أنا والنبيون من قبلي لا إله إلا
الله ولو أن السماوات السبع
والأرضين السبع في كفة ولا إله إلا الله في كفة لرجحت بهم لا إله إلا الله
ثم قال رسول الله لا تقوم الساعة وعلى وجه الأرض من يقول الله الله
فقال رضي الله عنه كيف أذكر يا رسول الله فقال أغمض عينيك واسمع مني ثلاث
مرات ثم قل أنت ثلاث مرات وأنا أسمع فقال لا إله إلا الله ثلاث مرات مغمضا
عينيه رافعا صوته وعلي يسمع ثم قال علي رضي الله عنه لا إله إلا الله ثلاث
مرات مغمضا عينيه رافعا صوته والنبي يسمع
وعلى هذا تسلسل أمر القوم
وصح توحيدهم وتجردوا عن الأغيار بالكلية وأسقطوا وهم التأثير من الآثار
وردوها بيد اعتقادهم الخالص إلى المؤثر وقاموا على قدم الاستقامة فكملت
معرفتهم وعلت طريقتهم فعاملوا الله كما عاملوه تحصل لكم المناسبة مع القوم
ويتم نظام أمركم وراءهم فتكون أقدامكم على أقدامهم
القوم سمعوا وطابوا ولكنهم سمعوا
أحسن القول فاتبعوه وسمعوا غير الحسن فاجتنبوه تحلقوا وفتحوا مجالس الذكر
وتواجدوا وطابت نفوسهم وصعدت أرواحهم لاحت عليهم بوارق الإخلاص حالة ذكرهم
وسماعهم ترى أن أحدهم كالغائب على حال الحاضر كالحاضر على حال الغائب
يهتزون اهتزاز الأغصان التي تحركت بالوارد لا بنفسها يقولون لا إله إلا
الله ولا تشتغل قلوبهم بسواه يقولون الله ولا يعبدون إلا إياه يقولون هو
وبه لا بغيره يتباهون إذا غناهم الحادي يسمعون منه التذكار فتعلوا همتهم في
الأذكار
التغني بأسماء الصالحين
لك أن تقول يا أخي الذكر عبادة فما الذي أوجب أن يذكر في حلقته كلام
العاشقين وأسماء الصالحين ولكن يقال لك الصلاة أجل العبادات يتلى فيها كلام
الله وفيه الوعد والوعيد ويقال في تحية الصلاة السلام عليك أيها النبي
ورحمة الله وبركاته السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين ما أشرك المصلي
ولا خرج عن بساط عبادته ولا عن حد عبوديته وكذلك الذاكر سمع الحادي يذكر
اللقاء فطاب بطلب لقاء ربه من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه
سمع الحادي يذكر الفراق فتأهب للموت وتفرغ من حب الدنيا حب الدنيا رأس كل خطيئة
سمع الحادي يذكر الصالحين فتقرب بحب أحباب الله إلى الله هذه من الطرق التي بعدد أنفاس الخلائق إلى الله
غنى بهم حادي الأحبة في الدجى ... فأطار منهم أنفسا وقلوبا
فأراد مقطوع الجناح بثينة ... وهموا أرادوا الواحد المطلوبا
مقام الأحرار
نعم يؤاخذ الكاذب يحرم عليه السماع يلزم بعدم الحضور في مجالسه حتى يصدق
أين أولئك كادوا يدخلون أعداد الملائك غلبوا نفوسهم فاضمحلت وطاروا بأجنحة
الأرواح فسارت بهم ودنت فتدلت وقليل ما هم أخلصوا فتخلصوا من قيد الرقية
ووصلوا إلى مقام الحرية ما ملكتهم الأغيار كلا بل هم الأحرار كل الأحرار
كانوا وبانوا
رحم الله القائل
أتمنى على الزمان محالا ... أن ترى مقلتاي طلعة حر
ما قلت لك يا أخي ذهب القوم لإساءة ظن بأهل الوقت ولكن القول على الغالب
نحن في زمان عمت به الجهالة وكثرت به البطالة وفشت فيه الدعوى الكاذبة
ونقلت فيه الأخبار المزخرفة إيش نعمل تحرد على من أكثر الناس سلكوا هذه
الطرق دارهم ما دمت في دارهم وحيهم ما دمت في حيهم ولكن ما الفائدة من
مداراة تأخذهم بها العزة ومن تحية تمكن فيهم الغفلة فاصدع بما تؤمر وأعرض
عن الجاهلين وأمر بالعرف
احذروا أن يلعنكم القرآن
إيش اعمل بالسماع الذي رقص فيه الراقص بغير قلب ونجاسة النفس لطخته كيف يحسب برقصه ونقصه من الذاكرين
ورب تال تلا القرآن مجتهدا ... بين الخلائق والقرآن يلعنه
لله ملائكة جرد مرد تحت العرش
يرقصون ويذكرونه تعالى ويهتزون لذكره هذه أرواح رقصت بالله لله وأنت يا
مسكين ترقص بنفسك لنفسك أولئك الذاكرون وأنت المغبون المفتون سمى القوم
الهز بالذكر رقصا إذا كان وارد الهزة من الروح فنسبوا الرقص للروح لا للجسم
وإلا فأين الراقصون وأين الذاكرون طلب هؤلاء حق وطلب هؤلاء ضلال
سارت مشرقة وسرت مغربا ... شتان بين مشرق ومغرب
الراقصون كذابون والذاكرون مذكورون بين الملعون والمحبوب بون عظيم إذا دخلتم مجالس الذكر فراقبوا المذكور واسمعوا بأذن واعية
إذا ذكر الحادي أسماء الصالحين فألزموا أنفسكم اتباعهم لتكونوا معهم المرء
مع من أحب أوجبوا عليكم التخلق بأخلاقهم خذوا عنهم الحال والوجد الحق
الوجد الحق الوجدان الحق لا تعملوا بالهوى لا أقول لكم إني أكره السماع
لتحققي في مقام سماع القول واتباع أحسنه
ولكن أقول لكم إني أكره
السماع للفقراء القاصرين عن هذه المرتبة لما فيه من البليات الموقعة في أشد
الخطيئات وإذا كان ولا بد فمن حاد أمين مخلص يمدح الحبيب ويذكر بالله
ويذكر الصالحين وهناك وقفوا
أهل الكمال وعلى المرشد العارف أن يأخذ من السماع الحصة اللازمة ويفيضها على قلوب أهل
حضرته بإذن الله وقدرته فإن الحال يسري كسريان الرائحة في المشام ونقطة
الإخلاص إكسير
الرجل من يربي بحاله لا من يربي بمقاله وإذا جمع بين الحال والقال فهو الرجل الأكمل
أخذتم هذه المواكب عدة لقمع شوكة الكافرين والصابئين وأصحاب الزيغ والذين في قلوبهم مرض في هذه البقاع
إرهابهم ولإعلاء كلمة الدين
وتشييد شرف المسلمين أحسنتم العمل إن حسنت معه النية كمل الخير إن أرجعتم
كل أحوالكم إلى الكتاب والسنة ولو من باب وإلا فبئست الأحوال والأعمال
والأقوال بل أقول إذا ساءت المذاهب لا فرق بينكم وبين أولئك القوم إلا
بالعلامة والعمامة فكونوا من القوم أحباب الله وأهل باب الله لا من القوم
أعداء الله المبعودين عن الله
الطرق الإيمانية
أي سادة إياكم والدجالية إياكم والشيطانية إياكم والطرق التي تقود إلى كلا
الوصفين أخجلوا الشيطان بخالص الإيمان خربوا بيع الدجل بيد الصدق
الطريق واضح صلاة وصوم وحج وزكاة والتوحيد والشهادة برسالة الرسول أول الأركان
واجتناب المحرمات حال المؤمن مع الله وهذا هو الطريق
ومن حال المؤمن مع الله أيضا ذكر الله تعالى كثيرا
ومن أدب الذكر صدق العزيمة وكمال الخضوع والانكسار والانخلاع عن الأطوار
والوقوف على قدم العبودية بالتمكن الخالص والتدرع بدرع الجلال حتى إذا رأى
الذاكر رجل كافر أيقن أنه يذكر الله بصدق التجرد عن غيره وكل من رآه هابه
وسقط من بوارق هيبته على قلب الرائي ما يجعل هشيم خواطره الفاسدة هباء
منثورا وإذا كان الأمر على غير هذا المنوال فأحسنه بالسنة إلى العامة
التمكن وضبط القوم وجمع الأدب الباطني والظاهري مهما أمكن وكف الطرف عن
النظر إلى أحد
اللهم اجعلنا ممن ركبت على جوارحهم من المراقبة غلاظ
القيود وأقمت على سرائرهم من المشاهدة دقائق الشهود فهجم عليهم نشر الرقيب
من القيام والقعود فنكسوا رؤوسهم من الخجل وجباههم للسجود وفرشوا لفرط ذلهم
على بابك نواعم الخدود فأعطيتهم برحمتك غاية المقصود وصلي الله على سيدنا
محمد
تواضع الشيخ
يا فقير اقتد بالقرآن المجيد اتبع آثار السلف إيش أنا حتى أدعو لك ما مثلي
إلا كمثل ناموسة على الحائط لا قدر لها حشرت مع فرعون وهامان وقارون
وأخذني ما أخذهم إن كان خطر لي في سري أني شيخ هذا الجمع أو مقدمهم أو من
يحكم عليهم أو ثبت عندى أني فقير منهم وكيف تدعوه نفسه إلى ذلك من هو لا
شيء ولا يصلح لشيء ولا يعد بشيء أي سادة لا تضيعوا أوقاتكم بما ليس لكم به
راحة فما مضى منكم نفس إلا وهو معدود عليكم إياكم وما تغترون به واحفظوا
أوقاتكم وقلوبكم فإن أعز الأشياء الوقت والقلب فإذا أهملتم الوقت وأعميتم
القلب فقد ذهبت منكم الفوائد واعلموا أن الذنوب تعمي القلوب وتسودها
وتسوؤها وتمرضها
مكتوب في التوراة في كل قلب مؤمن
نائحة تنوح عليه وفي كل قلب منافق مغن يغني وفي قلب العارف موضع لا يسره
أبدا وفي قلب المنافق موضع لا يغمه أبدا
أي سادة أنتم تذكرون الله في
هذا الرواق وتتواجدون وتهتزون فيقول الفقهاء المحجوبون رقص الفقراء و يقول
العارفون رقص الفقراء فمن كان منكم وجدة كاذبا وقصده فاسدا وذكره من اللسان
مع طمح الطرف إلى الأغيار فهو رقاص كما قال الفقهاء وصدق عليه ما قالوا
ومن كان منكم وجده صادقا وقصده صالحا عملا بقوله تعالى الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه
وكان من الذين إذا سمعوا القول قصدوا المراد من القول وهو الإجابة لداعي
الله في الأزل كما قال تعالى فيهم وإذ أخذ ربك من بني آدم من ظهورهم ذريتهم
وأشهدهم على أنفسهم ألست بربكم قالوا بلى
فسمع من سمع بلا حد ولا رسم ولا
صفة فثبتت حلاوة السماع فيهم بتردد فلما خلق الله تعالى آدم علية السلام
وكونه وأظهر ذريته إلى الدنيا ظهر ذلك السر المصون المكنون فيهم فإذا سمعوا
نغمه طيبه وقولا حسنا طارت هممهم إلى الأصل الذي سمعوه من ذلك النداء
وأولئك هم العارفون بالله تعالى في الأزل المتحابون فيه المتزاورون لأجله
الذاكرون المهيمون به عن غيره فذلك الفقير يقال له ذاكر رقصت روحه وصحت
عزيمته وكمل عقله وابيضت صحيفته وأخذ من السماع الحظ المكنون ونشر السر
المطوي فيه لأن السماع موجود سره في طبع كل ذي روح يسمع وكل جنس يسمع بما
يوافق طبعه ويفهم من السماع ما تنتهي إليه همته أما ترى الطفل إذا سمع
الحدو طرب ونام والجمال إذا حداها الحادي سارت ونسيت ألم الثقل
البكاء على فراق الأحبة
جاء في الآثار أن الله ما خلق في خلق السماوات والأرض ألذ من صوت إسرافيل
عليه السلام فإذا قرأ في السماء قطع على أهل السماوات السبع ذكرهم وتسبيحهم
لما أهبط الله آدم إلى الأرض بكى ثلثمائة عام فأوحى الله تعالى إليه
يا آدم وما بكاؤك وفيم جزعك فقال يا رب لست أبكي شوقا إلى جنتك ولا خوفا من
نارك وإنما بكائي شوقا إلى الملائكة المتواجدين حول العرش
سبعين ألف صف جرد مرد يرقصون
ويتواجدون ويدورون حول العرش ويد كل واحد منهم بيد صاحبه وهم يقولون جل
الملك ملكنا لولا ملكنا هلكنا من مثلنا وأنت إلهنا ومن مثلنا وأنت حبيبنا
ومستغاثنا
وذلك دأبهم إلى يوم القيامة
فأوحى الله تعالى إليه يا
آدم ارفع رأسك وانظر إليهم فرفع رأسه إلى السماء فنظر إلى الملائكة وهم
يرقصون حول العرش جبرائيل رأسهم وميكائيل قوالهم فلما رآهم سكن روعه وأنينه
وقيل في تفسير قوله تعالى فهم في روضة يحبرون أي يسمعون
هذا
أساس مقاصد العارفين في السماع والتواجد وهذا العطاء ما هو بالرقص المحرم
كما يزعم بعض الجهلاء من ممقوتي الفقراء هذا العطاء يحصل لرجل يملك خاطره
ولا يجول بقلبه وسواس ولا يلتفت إلى عرض من أعراض الأكوان ولا يقصد إلا
الله جلت عظمته ومن كان ملطخا بأوساخ الوسواس وأدناس الطبع عليه أن يذكر
الله محافظا على أدب القول والحركة مهما أمكن وأن لا يخوض بحر الدعوى
الكاذبة ويدعي منزلة القوم
ألم يعلم بأن الله يرى والله غيور وبهذا القدر كفاية
المنقادون للحق أي سادة كونوا مع الشرع في آدابكم كلها ظاهرا وباطنا فإن من كان مع الشرع
ظاهرا وباطنا كان الله حظه ونصيبه ومن كان الله حظه ونصيبه كان من أهل مقعد
صدق عند مليك مقتدر
أي سادة منكم الفقهاء والعلماء أيضا ولكم مجال
وعظ ودروس تقرؤونها وأحكام شرعية تذكرونها وتعملونها الناس إياكم أن تكونوا
كالمنخل يخرج الدقيق الطيب ويمسك لنفسه النخالة وأنتم كذلك تخرجون الحكمة
من أفواهكم ويبقى الغل في قلوبكم تطالبون حينئذ بقوله تعالى أتأمرون الناس
بالبر وتنسون أنفسكم
إذا أحب الله عبدا جعل في قلبه الرأفة والشفقة
لسائر المخلوقات وعود كفه السخاء وقلبه الرأفة ونفسه السماحة وبصره بعيوب
نفسه حتى يستصغرها ولا يراها شيئا
العارف حزين إذا فرح الناس كئيب من غير يأس فرحه قليل وبكاؤه طويل مطلوبه محبوبه وهمه عيوبه وذنوبه
الناس في العيد قد سروا وقد فرحوا ... وما سررت به والواحد الصمد
لما تيقنت أني لا أعاينكم ... أغمضت عيناي ولم أنظر إلى أحد
بذلت نفسي ولم أترك طريقا إلا سلكته وعرفت صحته بصدق النية والمجاهدة فلم
أجد أقرب وأوضح وأحب من العمل بالسنة المحمدية والتخلق بخلق أهل الذل
والانكسار والحيرة والافتقار كان الصديق الأكبر السيد أبو بكر رضي الله عنه
يقول
الحمد لله الذي لم يجعل الوصول إليه إلا بالعجز
والعجز عن درك الإدراك إدراك
روى أن الله تعالى قال لموسى عليه السلام يا موسى ائتني بما ليس في خزائني
قال يا رب أنت رب العالمين وأي شيء نقصت خزائنك فقال يا موسى اعلم أن
خزائني مملوءة كبرياء وعزا وجلالا وجبروتا ولكن ائتني بالذل والانكسار
والمسكنة فأنا عند المنكسرة قلوبهم من أجلي يا موسى ما تقرب المتقربون إلي
بأعظم من ذلك
أي سادة من الخشية تكون المحاسبة ومن المحاسبة تكون
المراقبة ومن المراقبة يكون دوام الشغل بالله فإن أغبط الناس في زماننا
مؤمن عرف زمانه وحفظ لسانه ولزم شأنه وكان من الصالحين
وصية عارف بالله
قلت لسيدي عبد الملك الخرنوتي قدس الله سره أوصني قال لي يا أحمد ملتفت لا
يصل ومشكك لا يفلح ومن لم يعرف من نفسه النقصان فكل أوقاته نقصان
فبقيت سنة أردد وصية الشيخ وما يخطر لي خاطر إلا أذكرها فيزول عني
ثم إني زرته في السنة الأخرى ولما
أردت الخروج من عنده قلت له أي سيدي أوصني فقال لي يا أحمد ما أقبح العلة
بالأطباء والجهل بالألباء والجفاء بالأحباء فخرجت من عنده وصرت أرددها سنة
على نفسي وانتفعت به وبوصيته
العالم العارف عظيم السياسة لنفسه
بالمخافة من الله والمراقبة له وإذا أراد أن يتكلم بكلام اعتبره قبل أن
يخرجه من فيه فإن رأى فيه صلاحا أخرجه وإلا ضم فمه عليه لما جاءت به
الروايات لسانك أسدك إن حرسته حرسك وإن أطلقته رفسك
العارف كلامه ينقي الصدا وصمته يصرف الردى يأمر بالمعروف لأهله وينهى عن المنكر وفعله
قال تعالى لا خير في كثير من نجواهم إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس
من عرف الله زاد أدبه معه من تقرب إلى الله عظم خوفه من ا
الرحلة في طلب العلم
أخبرني القاضي المقري الإمام الصالح سيدي علي أبو الفضل الواسطي بسنده إلى
الخطيب البغدادي يسلسله إلى أبي الجارود العبسي أن جابر بن عبد الله رضي
الله عنه وعنهم أجمعين قال بلغني حديث عن رجل من أصحاب النبي سمعه من رسول
الله في القصاص ولم أسمعه فابتعت بعيرا فشددت رحلي عليه ثم سرت شهرا حتى
قدمت مصر فأتيت عبد الله بن أنيس فقلت للبواب قل له جابر على الباب فقال
ابن عبد الله قلت نعم فأتاه فأخبره فقام يطأ ثوبه حتى خرج إلي فاعتنقني
واعتنقته فقلت له حديث بلغني عنك سمعته من رسول الله ولم أسمعه في القصاص
فخشيت أن أموت أو تموت قبل أن أسمعه
فقال عبد الله سمعت رسول الله
يقول يحشر الله العباد أو قال الناس عراة غرلا بهما قال قلنا ما بهما قال
ليس معهم شيء ثم يناديهم بصوت يسمعه من بعد كما يسمعه من قرب أنا الملك أنا
الديان لا ينبغي لأحد
من أهل الجنة أن يدخل الجنة
ولا ينبغي لأحد من أهل النار أن يدخل النار وعنده مظلمة حتى أقصه منه حتى
اللطمة قال قلنا كيف ذا وإنما نأتي الله غرلا بهما قال بالحسنات والسيئات
قال وتلا رسول الله اليوم تجزى كل نفس بما كسبت لا ظلم اليوم
قال رسول الله إن أخوف ما أخاف على أمتي من بعدي عمل قوم لوط ألا فليرتقب أمتي العذاب إذا كافأ الرجال بالرجال والنساء بالنساء
هذا الحديث أظهر ما لله من العدل بإثبات القصاص فيمن ليس بمكلف كالبهائم
وغيرها وأطلق القول عليه عز و جل بالقيام على العرش يوم القيامة من غير
تكييف ولا تمثيل وأثبت الوعيد في اللواط والسحاق
العلم لا يكتم والحق
يقال والشارع روحي الفداء لقبره المبارك أوضح لنا ما لنا وما علينا تماما
فالناجي من آمن به واتبع أمره والحذر والهلاك لمن خالفه
بلغ كما أمر وما بقي لنا عليه حجة
وهو صاحب الحجة القائمة على كل مكلف وبه قامت حجة الله على خلقه هكذا قضى
سبحانه وتعالى وقال وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وكفى بالله وليا وكفى
بالله نصيرا
أي سادة من أحب الله علم نفسه التواضع وقطع عنها علائق
الدنيا وآثر الله تعالى على جميع أحواله واشتغل بذكره ولم يترك لنفسه رغبة
فيما سوى الله تعالى وقام بعبادته بحقائق الأسرار وخلع المنابر والأسرة
تواضعا لله وإن كانت يده طائلة إلى مثل ذلك وكان كمن قيل فيه
ترك المنابر والسرير تواضعا ... وله منابر لو يشا وسرير
ولغيره يجبى الخراج وإنما ... يجبى إليه محامد وأجور
مقامات العبيد
أي سادة العبدية حقها الانقطاع عن غير السيد بالكلية العبدية ترك كل كلية
وجزئية العبدية رد القصد عن طلب كل مزية العبدية عدم رؤية العبد لنفسه على
إخوانه رفعة أو فرقية العبدية الوقوف عند ما حد للطينة الآدمية العبدية
الخشية والخضوع تحت مجاري الأقدار الربانية
لا يكون العبد عبدا كاملا حتى يصل إلى مرتبة الحرية والتخلص من رق الأغيار بالكلية
أي سادة لا تتخذوني دفة المكدية لا تجعلوا رواقي حرما وقبري بعد موتي صنما
دعوت الله أن يجعلني منفردا إليه في الدنيا فحصل مع الجمعية وعساني أصل
إلى هذا المقصد إذا فارقت هذه الدنيا الدنية إن صحت الجمعية مع الله فالكل
هين
إذا صح منه الوصل فالكل هين ... وكل الذي فوق التراب تراب
عليكم به سبحانه وحقه لا يضر وينفع ويصل ويقطع ويفرق ويجمع ويعطي ويمنع إلا هو
الوسائل إليه لا تنكر والوسائط لا تكفر وإنما المادة الكبرى كلمة تقولها
وتصل وهي آمنت بالله فإذا آمنت به آمنت بكتابه وبرسوله وبكل ما جاء به
رسوله وعملت بقوله تعالى وما آتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا
وعظمت الوسائل والوسائط التي تدلك على الله ووحدت الله ووقفت على الباب
بسائح الدموع ولثمت الأرض بالذل والخضوع وعرفت إلى أين المصير والرجوع
وتهيأت لما يليق بمقام الملاقاة وأخلصت في أعمالكم كلها فصرت إخلاصا خالصا
وبعدها تليق لك المراتب وتسبح
عليك سحب المواهب وتعود عليك عوائد الكرم وتمد لك موائد النعم وتنشر شبكة
عرفانك على الخلق حتى لا تبقي ولا تذر وتصل دعوة نيابتك إلى الظهور والبطون
بإذن الله
توقير العلماء
أي سادة
عظموا شأن الفقهاء والعلماء كتعظيم شأن الأولياء والعرفاء فإن الطريق واحد
وهؤلاء وراث ظاهر الشريعة وحملة أحكامها الذين يعلمونها الناس وبها يصل
الواصلون إلى الله إذ لا فائدة بالسعي والعمل على الطريق المغاير للشرع ولو
عبد الله العابد خمسمائة عام بطريقة غير شرعية فعبادته راجعة إليه ووزره
عليه ولا يقيم له الله يوم القيامة وزنا وركعتان من فقيه في دينه أفضل عند
الله من ألف ركعة من فقير جاهل في دينه فإياكم وإهمال حقوق العلماء وعليكم
بحسن الظن فيهم جميعا وأما أهل التقوى منهم العاملون بما علمهم الله فهم
الأولياء على الحقيقة فلتكن حرمتهم عندكم محفوظة قال من عمل بما يعلم ورثه
الله علم ما لم يعلم
وقال العلماء ورثة الأنبياء الحديث
الدالون على طريق الحق
هم سادات الناس وأشراف الخلق والدالون على طريق الحق لا تقولوا كما يقول
بعض المتصوفة نحن أهل الباطن وهم أهل الظاهر هذا الدين الجامع باطنه لب
ظاهره وظاهره ظرف باطنه لولا الظاهر لما بطن لولا الظاهر لما كان الباطن
ولما صح القلب لا يقوم بلا جسد بل لولا الجسد لفسد والقلب نور الجسد
هذا العلم الذي سماه بعضهم بعلم الباطن هو إصلاح القلب فالأول عمل بالأركان وتصديق بالجنان
إذا انفرد قلبك بحسن نيته وطهارة طويته وقتلت وسرقت وزنيت وأكلت الربا
وشربت الخمر وكذبت وتكبرت وأغلظت القول فما الفائدة من نيتك وطهارة قلبك
وإذا عبدت الله وتعففت وصمت وصدقت وتواضعت وأبطن قلبك الرياء والفساد فما
الفائدة من عملك فإذا تعين لك أن الباطن لب الظاهر والظاهر ظرف الباطن ولا
فرق بينهما ولا غنى لكليهما عن الآخر فقل نحن من أهل الظاهر وكأنك قلت من
أهل الباطن
قل نحن من أهل ظاهر الشرع وقد ذكرت باطن الحقيقة
أي حالة باطنة للقوم لم يأمر ظاهر الشرع بعملها
أي حالة ظاهرة لم يأمر ظاهر الشرع بإصلاح الباطن لها لا تعملوا بالفرق
والتفريق بين الظاهر والباطن فإن ذلكزيغ وبدعة لا تهملوا حقوق العلماء
والفقهاء فإن ذلك جهل وحمق لا تأخذوا بحلاوة العلم وتبطلوا مرارة العمل فإن
تلك الحلاوة لا تنفع بغير تلك المرارة وإن تلك المرارة تنتج الحلاوة
الأبدية
إنا لا نضيع أجر من أحسن عملا
نص قرآني يشهد لكم بالمكافأة على الأعمال
والإخلاص أن يكون العمل لله لا لدنيا ولا لآخرة مع حسن الظن به سبحانه
وتعالى في كل حال من الأحوال وعمل من الأعمال وقول من الأقوال إيمانا به
وامتثالا لأمره وطلبا لمرضاته
العلم المفيد أي سادة تقولون قال الحارث قال أبو يزيد قال الحلاج ما هذا الحال قبل هذه الكلمات
قولوا قال الشافعي قال مالك قال أحمد قال نعمان صححوا المعاملات البينية
وبعدها تفكهوا بالمقولات الزائدة قال الحارث وأبو يزيد لا ينقص ولا يزيد
وقال
الشافعي ومالك أنجح الطرق وأقرب المسالك شيدوا دعائم الشريعة بالعلم والعمل وبعدها ارفعوا الهمة للغوامض من أحكام العلم وحكم العمل
مجلس علم أفضل من عبادة سبعين سنة أي من العبادات الزائدة عن المفروضات
التي يتعبد الرجل بها بغير علم هل يستوي الذين يعلمون والذين لا يعلمون أم
هل تستوي الظلمات والنور
أشياخ الطريقة وفرسان ميادين الحقيقة يقولون
لكم خذوا بأذيال العلماء لا أقول لكم تفلسفوا ولكن أقول لكم تفقهوا من يرد
الله به خيرا يفقهه في الدين
ما اتخذ الله وليا جاهلا ولو اتخذه لعلمه الولي لا يكون جاهلا في فقه دينه يعرف كيف يصلي كيف يصوم كيف يزكي كيف يحج كيف يذكر
يتقن علم المعاملة مع الله فمثل هذا الرجل وإن كان أميا فهو عالم ولا يقول له جاهل إلا من جهل العلم المقصود
ليس العلم علم البديع والبيان والأدب الذي عناه الشعراء والجدل والمناظرة
العلم المختصر علم ما أمر
الله به ونهى عنه والعلم الجامع الأتم علم التفسير والحديث والفقه والفنون
اللفظية والقواعد النظرية التي وضعت وسماها واضعوها علوما هي فنون تدخل تحت
قول القائل العلم بالشيء ولا الجهل به
القول بوحدة الوجود ضلالة صموا أسماعكم عن علم الوحدة وعلم الفلسفة وما شاكلهما فإن هذه العلوم مزالق الأقدام إلى النار حمانا الله وإياكم
الظاهر الظاهر اللهم إيمانا كإيمان العجائز قل الله ثم ذرهم في خوضهم يلعبون
لا تقطعوا الوصلة مع العلماء جالسوهم خذوا عنهم لا تقولوا فلان غير عامل
خذوا من علمه واعملوا به ودعوه وعمله إلى الله الأولياء رضي الله عنهم
يأخذون الحكمة لا يبالون من
أي لسان ظهرت وعلى أي حجر كتبت وبواسطة أي إنسان وصلت ويتفكرون في خلق السماوات والأرض ربنا ما خلقت هذا باطلا
الأولياء قناطر الخلق يعبر الموفقون عليهم إلى الله تعالى أولئك هم
العاملون المخلصون الخالصون استخلصهم تعالى لعبادته وقربهم من حضرته فما
حجب قلوبهم حجاب الغين طرفة عين أخرجوا البين من البين أقاموا طلاسم الكتم
على الأسرار وقاموا الليل وصاموا النهار بعضهم غلب عليه الفكر وبعضهم غلب
عليه الذكر وبعضهم جمع شتات الأمر رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع عن ذكر
الله
أوصيكم كل الوصية بعد علم واجبات الدين بصحبتهم فأنها ترياق مجرب
عندهم رأس الأمر كله عندهم الصدق والصفاء والذوق والوفاء والتجرد من
الدنيا والتجرد من الأخرى والتجرد إلى المولى هذه الخصال لا تحصل بالقراءة
والدرس والمجالس لا تحصل إلا بصحبة الشيخ العارف الذي يجمع بين الحال
والمقال يدل بمقاله وينهض بحاله أولئك الذين هداهم الله فبهداهم اقتده
استقامة القائد تظهر في المقود حاله الشيخ كمالا كانت أو نقصانا تظهر في اتباعه ومريديه بطنا بعد بطن فان
كانت حاله كمال علا بها حال الكامل وزاد بها حال الناقص وإن كانت حالة نقص
نقص بها حال الكامل وذهب بها حال الناقص إلا إن وهب الكريم فلا تأثير
للأحوال إياكم وإبقاء أثر ينقص حال كمل أتباعكم ويذهب حال ناقصهم الرجل من
تظهر آثاره بعده قال الرجال
إن أثارنا تدل علينا ... فانظروا بعدنا إلى الآثار
أتركوا بعدكم أثر الذل والانكسار والتجرد من الدعوى والخروج من حيطة
الاستعلاء والتذلل بباب المولى ومحبة الفقراء والعلماء وموافقة الأقدار
بالتسليم إلى الله والتمسك بسنة رسوله وإياكم والغرة بالوقت فما هو عند
العارف بشيء إلا إذا لم يصرفه في غير الطاعة ويأخذ منه ما يثلج صدره أجل من
سن في الإسلام سنة حسنة فله أجرها وأجر من عمل بها من بعده من غير أن ينقص
من أجورهم شيء ومن سن سنة في الإسلام سن سيئة كان عليه وزرها ووزر من عمل
بها من بعده من غير أن ينقص من أوزارهم شيء
حول نسخ الشرائع
ما بقي من قوم سليمان عليه السلام أحد ذهب ملكه ونسخت شريعته ونبينا عليه
لا يذهب شأنه ولا تنسخ شريعته بإذن الله إن الله لا يخلف الميعاد وصف
سليمان نازعه وصف الملك الديان فطمسه لمن الملك اليوم لله الواحد القهار
ووصف النبي لما كان العبدية أعانه وصف الربوبية فدام ذكره وعلا أمره والله يعصمك من الناس
وقد ترون أن الملوك وذراريهم وحواشيهم تذهب ورسومهم تنقلب والرعية على حالها
هؤلاء نازعتهم صفة الربوبية لما رأوا المالكية فزالوا وهؤلاء صانتهم صفة الربوبية لما تحققوا بمنزلة المملوكية فداموا
قال سيدي الشيخ منصور صحيفة حال
الشيخ أتباعه لهم من حاله وخلقه شمة لا بد أن تفعل كيف كانت إلا إذا غلبها
حال سماوي اختص به التابع فربما يعلو منزلة شيخه ذلك الفضل من الله يؤتيه
من يشاء
ترى في أصحاب الحلاج حب القول بالوحدة ترى في أصحاب أبي يزيد
رحمه الله حب الإغماض والتكلم بالرقائق ترى في أصحاب الجنيد رضي الله عنه
حب الجمع بين لسان الطريقة الشريعة
ترى في أصحاب السلماباذي حب المعالي لما كان عليه من المنزلة
ترى في أصحاب سيدي الشيخ أبي الفضل حب الوحدة إلى الله بالذل لله وللخلق
وقد تنعكس هذه القاعدة في البعض ولكن يكون ذلك بالاختصاص يختص برحمته من يشاء
معروف الكرخي وداود الطائي والحسن البصري ومن تأدب بصحبتهم من هذه الطائفة
رضي الله عنهم اختصروا أسباب السير على كلمتين التمسك بالشرع وطلب الحق
وحده هذه الشريعة أمامك
ظر أخلاق النبي أي أخي أنظر كيف كان نبيك وكيف قال وكيف خالق الناس برا وفاجرا واعمل
بعمله وقل بقوله وتخلق بخلقه إن كنت لا تعلم فاسأل العلماء قال تعالى
فاسألوا أهل الذكر إن كنتم لا تعلمون
يتحدث القوم بالنعم اعترافا
بنعمة المنعم وشكرا لها وحثا للناس على العمل لتحصل لهم هذه البركة قال
تعالى والذين جاهدوا فينا لنهدينهم سبلنا
يقول المتحدث بالنعمة أطلعني ربي على كذا وعلمني كذا ووهبني من الخير والبركة كذا
ولكن لا يقول أنا خير منكم أنا أجل منكم أنا أشرف منكم
هذه كلمات دعوى تكون من رعونة النفس ينطق بها لسان الأحمق ما الذي خيرني
عليك وأجلني وشرفني صلاة وصوم وغيرها من العبادات فلا يأمن مكر الله إلا
القوم
الخاسرون لولا امتثال قوله تعالى واشكروا لي ولا تكفرون لخاط العاقل فمه بمخيط
حذار من الافتخار أي أخي تفتخر بأبيك آدم عليه السلام الصفوة الأولى كفر أكثر أولاده وكذلك أكثر أولاد الأنبياء والمرسلين
تفتخر بعلمك إبليس حل كل عويص حل وقرأ صحاف الموجودات تفتخر بمالك قارون هلك بماله
تفتخر بملكك لم يغن ملك فرعون عنه من الله شيئا
ما هلك إبراهيم عليه السلام بعد أن تجرد إلى ربه
ما ذل موسى عليه السلام بعد أن فرش بساط ذله بين يدي خالقه
ما ضاع شأن يونس عليه السلام بعد أن قال بصدق الالتجاء لا إله إلا أنت سبحانك
ما خاب يوسف عليه السلام بعد أن استسلم لقضائه معتمدا عليه
هكذا النبيون هكذا المرسلون هكذا الصديقون هكذا الصالحون لا تبديل لكلمات الله
وادي وميادين
يا أخي أين أنت في أي واد تهيم في وادي وهمك تسرح في ميادين قطيعتك الله
الله بك أحرص عليك والله إن تنقطع أخاف عليك أن تخذل اللهم إني أعوذ بك من
القطع بعد الوصل
أي أخي لا تحرد مني إذا انقطعت وأنت تظن الوصل ورأيت أنك عالم وأنت على طائفة من الجهل فقد فاتك السوم وسبقك القوم وعمك اللوم
لا أقول لكم انقطعوا عن الأسباب
عن التجارة عن الصنعة ولكن أقول انقطعوا عن الغفلة والحرام في كل ذلك لا
أقول لكم أهملوا الأهل ولا تلبسوا الثوب الحسن ولكن أقول إياكم والاشتغال
بالأهل عن الله وإياكم والزهو بالثوب على الفقراء من خلق الله
وأقول
لا تظهروا الزينة فوق ما يلزم بثيابكم تنكسر قلوب الفقراء وأخاف أن يخالطكم
العجب والغفلة وأقول نقوا ثيابكم قل من حرم زينة الله التي أخرج لعباده
والطيبات من الرزق وأقول نقوا قلوبكم وطهروها فذلك أولى من تنقية الثياب إن
الله لا ينظر إلى ثيابكم ولكن ينظر إلى قلوبكم وكذلك أو مثل ذلك قال لنا
سيدنا
حاربوا الشيطان ببعضكم بنصيحة بعضكم بخلق بعضكم بحال بعضكم بقال بعضكم قال تعالى
وتعاونوا على البر والتقوى ولا تعاونوا على الإثم والعدوان
وقال تعالى الذين يقاتلون في سبيله صفا كأنهم بنيان مرصوص يقاتلون الشيطان
والنفس وعدو الله يقاتلون الشيطان كي لا يقطعهم عن الله يقاتلون النفس كي
لا تشغلهم بشهواتها الدنية عن عبادة الله يقاتلون عدو الله لإعلاء كلمة
الله ونشر علم الدلالة على الله أولئك حزب الله ألا إن حزب الله هم
المفلحون
عظمة العلم
عظموا شأن
العلم تعظيما يقوم بواجباته لأنه أدرك حقائق الأشياء مسموعا ومعقولا أعطوا
الإيمان حقه فهو إقرار باللسان واعتقاد بالجنان إلزموا حكم الإسلام فهو
متابعة الشريعة والإعراض عن الطبيعة
تحققوا بالمعرفة فهي أن تعرفوا الله بالوحدانية
طهروا النية فهي الخطرة في القلب فلا يطلع عليها أحد غير الله
أتقنوا الأدب فهو وضع الشيء موضعه
أوجزوا الموعظة فهي إرشاد أصحاب الغفلات
أبلغوا بالنصيحة فهي الاطلاع على حفظ طريق الزهد
أصدقوا في المحبة فهي نسيان ما سوى المحبوب أكملوا الأدب في الدعاء فهو رفع الحاجات إلى رفيع الدرجات
شيدوا منار التصوف فهو ترك الاختيار
أتقنوا طريق العبودية فهي ترك الدنيا وترك الدعوى واحتمال البلوى وحب المولى
مهدوا سبيل القرب فهو الانقطاع عن كل شيء سوى الله
تحققوا بالصدق فهو موافقة السر والعلانية
عظموا قدر نعمة العافية فهي نفس بلا بلاء ورزق بلا عناء وعمل بلا رياء
قفوا عند حد الاستقامة فهي ألا يختار على الله شيء
تحروا الحلال فهو الذي لا يضمنه آكله في الدنيا ولا يؤاخذ لأجله في الآخرة
سددوا منهاج الطاعة فهي طلب رضاء الله في الأقوال والأفعال والأحوال
خذوا بعروة الصبر فهو إيقاف القلب عند حكم الرب
طهروا العزلة والخلوة فهما التباعد عن أبناء الدنيا بترك الطمع وهجر اختلاط الناس قلبا وإن كان المرء بينهم بشخصه
[ البرهان المؤيد - الرفاعي الحسيني ]
الكتاب : البرهان المؤيد
المؤلف : أحمد بن علي بن ثابت الرفاعي الحسيني
الناشر : دار الكتاب النفيس - بيروت
الطبعة الأواى ، 1408
تحقيق : عبد الغني نكه مي
عدد الأجزاء : 1