اللهم صل على سيدنا محمد الوصف والوحي والرسالة والحكمة وعلى آله وصحبه وسلم تسليما
الحضرة :
في اللغة :
حَضْرَة : 1. حضور . 3. قُرْب الشيء .
الحَضْرَة : 2. مكان الحضور ذاته . 4. الفِناء .
في الاصطلاح الصوفي :
الشيخ نجم الدين الكبرى :
يقول : الحضرة : هي مقيل الراجعين المجذوبين .
الشيخ الأكبر ابن عربي :
يقول : الحضرة في عرف القوم : الذات والصفات والأفعال .
الشيخ عبد الوهاب الشعراني :
الحضرة : هي شهود مخصوص ، فالعبد ما دام يشهد أنه بين يدي الله والحق تعالى يراه فهو في حضرته ، فإن حجب عن الشهود فقد خرج من الحضرة ولو كان في جوف الكعبة .
يقول : مرادنا بالحضرة : شهود العبد أنه بين يدي الله تبارك وتعالى ، وهو تعالى يراه . ومرادنا بخارج الحضرة حجابه عن هذا المشهد .
الشيخ عبد الغني النابلسي :
يقول : الحضرة : عبارة عن موطن من مواطن القرب والمشاهدة ، فإذا كان العبد على بساط الحق مشاهداً لصفاته تعالى ، فيسمى ذلك الموطن : حضرة الصفات ، وإذا كان مشاهداً للأفعال ، فيسمى ذلك الموطن : حضرة الأفعال .
ويقول : الحضرات : جمع حضرة ، وهي الظهور الخاص للرب باعتبار استعداد العباد الخمس وهي :
حضرة الغيب المحيط بكل ظاهر .
حضرة الحس والشهادة .
حضرة الجمع والوجود المطلق .
حضرة البرزخ الغيـبي .
حضرة البرزخ الشهادي .
ويقول : الحضرة : هي ( العمى ) أي : الجهة التي يحضر فيها الله تعالى لعبده عند تجليه عليه باعتبار العبد ، لا باعتباره هو تعالى في نفسه .
الشيخ أحمد بن عجيبة :
يقول : الحضرة : هي عبارة عن كشف رداء الصون عن أصل نور الكون ، فتلوح أنوار القدم على صفحات العدم ، فيتلاشى الحادث ويبقى القديم .
ويقول : الحضرة : هي حضور القلب مع الرب .
ويقول : الحضرة : هي معشش قلوب العارفين ، هي حضرة الذات إليها يأوون أي يرجعون بعد الطيران إلى فضاء الملكوت وأسرار الجبروت ، وفيها يسكنون ولا يخرجون منها أبداً ... ومحلها في أعلى عليين ، وهو عرش قلوب العارفين .
الباحث محمد غازي عرابي :
يقول : الحضرة : هي مجموعة طقوس للمريدين ، يكون على رأسها شيخ عارف بالطريقة ، يقود الحفل ، وينبه على كل ما من شأنه أن يشوش إمكان الوصول إلى لحظة الصفاء العلوية هذه ، هذه هي حضرة السلوك .
( الحضرة ) في اصطلاح الشيخ الأكبر ابن عربي :
تقول الدكتورة سعاد الحكيم :
كل حقيقة من الحقائق الإلهية والكونية ، مع جميع مظاهرها في كل العوالم تشكل حضرة ، هي حضرة الحقيقة المشار إليها ، مثلاً : القدرة هي حقيقة إلهية يرجع إليها كل مظهر للقدرة في العوالم كافة ، فالقدرة الإلهية مع جميع مظاهرها وتجلياتها من حيث تميزها عن بقية الحقائق الإلهية تشكل حضرة هي : حضرة القدرة .
يقول ابن عربي : إن الحضرات الإلهية لا تكاد تنحصر ، لأنها نسب ... وكل اسم إلهي هو حضرة ، ومن أسمائه ما نعلم ومنها ما لا نعلم ... ( و ) كل ما يفتقر إليه هو اسم من أسمائه تعالى .
نجد في هذا النص أن الحضرات الإلهية هي الأسماء الإلهية ولكنها لا تنحصر بالعدد مائه كما في بعض النصوص ، بل يزداد عددها ليشمل مقصود ابن عربي بالاسم الإلهي .
ينتج عن التعريف الأول الذي ذكرنا لكلمة ( حضرة ) إن عددها في الكون لا ينحصر ، لأن الحقائق لا تنحصر – ولكن الحضرات الإلهية يرجعها ابن عربي إلى أصول أمهات تجمعها ، كما أرجع كثرة الأسماء الإلهية إلى أمهات .
يقول ابن عربي : وكل مقام فإما إلهي أو رباني أو رحماني غير هذه الثلاث الحضرات لا يكون ، وهي تعم جميع الحضرات وعليها يدور الوجود ، وبها تنـزلت الكتب وإليها ترتقي المعارج ، والمهيمن عليها ثلاثة أسماء إلهية : الله والرب والرحمن .
الحضرة : هي كل مجموع حقائق تآلفت بشكل مخصوص يعطي حقيقة جديدة واحدة مركبة لها خصائص مميزة وصورة واضحة . مثلاً : الخيال هو حقيقة واحدة مركبة من مجموع حقائق مفردة ، تألفت بشكل معين يعطي خصائص واضحة موضوعية وهذه الحقيقة تسمى : حضرة الخيال ، وهكذا يسمي ابن عربي كل ( مجموع حقائق شكّل وحدة ) : حضرة .
يقول ابن عربي : الحضرة الإنسانية كالحضرة الإلهية لا بل هي عينها على ثلاث مراتب : ملك وملكوت وجبروت ، وكل واحدة من هذه المراتب تنقسم إلى ثلاث فهي تسعة ... فتمتد من كل حقيقة من التسعة الحقية رقائق إلى التسعة الخلقية ، وتنعطف من التسعة الخلقية رقائق على التسعة الحقية .
إن كل نسبة بين الحق والخلق تؤلف حضرة ، من حيث أن العبد يحضر فيها مع الحق من هذه النسبة .
يقول ابن عربي : إن الله تعالى قد عرّف عباده أن له حضرات معينة لأمور دعاهم إلى طلب دخولها وتحصيلها منه ، وجعلهم فقراء إليها ... فمنها حضرة المشاهدة وهي على منازل مختلفة وإن عمتها حضرة واحدة ... ومنها حضرة المكالمة ... ومنها حضرة السماع ... ومنها حضرة التعليم .
في أنواع الحضرات في الوجود :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
العالم عالمان ، والحضرة حضرتان ، وإن كان قد تولد بينهما حضرة ثالثة من مجموعهما . فالحضرة الواحدة : حضرة الغيب ، ولها عالم يقال له : عالم الغيب .
والحضرة الثانية هي حضرة الحس والشهادة ، ويقال لعالمها : عالم الشهادة . ومدرك هذا العالم بالبصر ، ومدرك عالم الغيب بالبصيرة ، والمتولد من اجتماعهما حضرة وعالم . فالحضرة : حضرة الخيال ، والعالم : عالم الخيال ، وهو ظهور المعاني في القوالب المحسوسة كالعلم في اللبن ... لذلك كانت حضرة الخيال أوسع الحضرات ، لأنها تجمع العالمين عالم الغيب وعالم الشهادة ... وأنت قد عاينت في حسك وعلى ما تعطيه نشأتك في نفسك المعاني ، والروحانيون يتخيلون ويتمثلون في الأجساد المحسوسة في نظرك بحيث إذا وقع أثر في ذلك المتصور تأثر المعنى المتصور فيه في نفسه ، ولا شك أنك أحق بحضرة الخيال من المعاني ومن الروحانيين ، فإن فيك القوة المتخيلة ، وهي من بعض قواك التي أوجدك الحق عليها ، فأنت أحق بملكها والتصرف فيها من المعنى ، إذ المعنى لا يتصف بأن له قوة خيال ، ولا الروحانيون من الملأ الأعلى بأن لهم في نشأتهم قوة خيال ، ومع هذا فلهم التميز في هذه الحضرة الخيالية بالتمثل والتخيل ، فأنت أولى بالتمثل والتخيل منهم ، حيث فيك هذه الحضرة حقيقة . فالعامة لا تعرفها ولا تدخلها إلا إذا نامت ورجعت القوة الحساسة إليها ، والخواص يرون ذلك في اليقظة لقوة التحقق بها .
ويقول الشيخ عبد الغني النابلسي :
[الحضرات : خمس ]: حضرة الغيب المطلق ، وحضرة الشهادة المطلقة ، والغيب المضاف على قسمين : ما هو أقرب إلى الغيب المطلق وهو حضرة الروح الكلي . وما هو أقرب إلى الشهادة المطلقة وهو حضرة النفس الكلية . والحضرة الخامسة هي الحضرة الجامعة للأربعة من الحضرات المذكورة ... هذه الحضرة الخامسة هي عالم الإنسان الكامل .
ويقول الشيخ أبو العباس التجاني :
مجموع المراتب كلها هو الحضرات الخمس :
الحضرة الأولى : هي حضرة عالم الناسوت ، وهي مرتبة وجود الأجسام الكثيفة .
والحضرة الثانية : هي مرتبة عالم الملكوت ، وهي مرتبة فيض الأنوار القدسية وهي من السماء الأولى إلى السماء السابعة وهو عالم المثال ، وهو عالم الروحانية والأفلاك .
والحضرة الثالثة : هي حضرة عالم الجبروت ، وهي من السماء السابعة إلى الكرسي ، وهي حضرة فيض الأسرار الإلهية ، وهو عالم الأرواح المجردة ، وهو عالم الملائكة .
والحضرة الرابعة : حضرة عالم اللاهوت ، وهي حضرة ظهور أسماء الله تعالى وصفاته بأسرارها وأنوارها وفيوضها وتجلياتها .
والحضرة الخامسة : هي حضرة الهاهوت ، وهي حضرة البطون الذاتي والعماء الذاتي ، وهذه المرتبة لا مطمع في نيلها إلا التعلق بها فقط .
في أقسام الحضرات :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
الحضرات ثلاث : عقلية وحسية وخيالية .
ويقول الشيخ علي الكيزواني :
[الحضرات] : حضرة فعلية ، وحضرة أسمائية ، وحضرة معاينة ، وحضرة
صفاتية .
ويقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
الحضرة ... على ثلاثة أقسام : حضرة القلوب ، وحضرة الأرواح ، وحضرة الأسرار . فحضرة القلوب للسائرين ، وحضرة الأرواح للمستشرفين ، وحضرة الأسرار للمتمكنين .
أو تقول : حضرة القلوب لأهل المراقبة ، وحضرة الأرواح لأهل المشاهدة ، وحضرة الأسرار لأهل المكالمة .
في آداب الحضرة :
يقول الشيخ أبو علي الدقاق :
قال عيسى عليه السلام : ( إِن كُنتُ قُلْتُهُ فَقَدْ عَلِمْتَهُ )( المائدة : 116 ) ، ولم يقل : لم أقل ، رعاية لأدب الحضرة .
ويقول الشيخ شهاب الدين السهروردي :
قال الله عز وجل : ( ما زاغَ الْبَصَرُ وَما طَغى )( النجم : 17 ) ، حفظ آداب الحضرة ... وهذه غامضة من غوامض الآداب ، اختص بها أخبر الله تعالى عن اعتدال قلبه المقدس في الإعراض والإقبال ، أعرض عما سوى الله وتوجه إلى الله ، وترك وراء ظهره الأرضيين والدار العاجلة بحضوضها والسماوات والدار الآخرة بحضوضها ، فما التفت إلى ما أعرض عنه ولا لحقه الأسف على الفائت في أعراضه .
ويقول الشيخ أبو الحسن الشاذلي :
آداب الحضرة ثلاثة : دوام النظر ، وإلقاء السمع ، والتوطين لما يرد من الحكم .
في صفة الحضرة :
يقول الشيخ جاكير الكردي :
صفة الحضرة ليس فيها سوى الذبول تحت موارد الهيبة ، قال الله تعالى : ( فَلَمّا حَضَروهُ قالوا أَنْصِتوا )( الأحقاف : 29 ) .
ويقول الشيخ عيسى بن الشيخ عبد القادر الكيلاني :
صفة الحضرة ، سكون الواصلين ، ومحل الاستقامة والتمكين .
في علامات الحضرات :
يقول الشيخ الأكبر ابن عربي :
الحضرات : حضرتان : لهما علامتان ، جمع وفرق ، وحقيقة وحق بوجود خالق وخلق .
في شرط الدخول إلى الحضرة :
يقول الشيخ الجنيد البغدادي :
سبق في علم الله القديم ألا يدخل أحد لحضرته إلا على يد عبد من عباده .
في إرادة الوصول إلى الحضرة :
يقول الشيخ أحمد بن عجيبة :
إرادة الوصول إلى الحضرة : هي لأهل التجريد وقوة العزم .
الإمام القشيري :
يقول : أهل الحضرة : هم الذين تفاضلهم بلطائفهم من الأنس بنسيم القربة بما لا بيان يصفه ولا عبارة ، ولا رمز يدركه ولا إشارة . منهم من يشهده ويراه مرةً في الأسبوع ، ومنهم من لا يغيب من الحضرة لحظة ، فهم يجتمعون في الرؤية ويتفاوتون في نصيب كل أحد ، وليس كل من يراه بالعين التي بها يراه صاحبه .
المصادر / موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان