يمكن أن نوجز الكلام ، ونحصر تفريعات ( التصوف العملي ) الذي يعرفه الإسلام في أصوله ، وفي حياة النبي ، وحياة أصحابه وتلاميذهم من التابعين ومن بعدهم في دائرة تتألف حلقاتها من أمور ثلاثة ، قد تكون هي مبادئ ونهايات التفريعات التي تجمع عناصر ( التصوف في الإسلام ) .
الأول – الزهد في الدنيا .
الثاني – مراقبة الله تعالى .
الثالث – عدم الغفلة عن ذكر الله عز شأنه .
ونحن حينما نتحدث عن هذه الأمور الثلاثة لا نقصد إلى التفاصيل الجزئية التي تستوعب وتستقصي . لأن ذلك غير مستطاع في هذا البحث وإنما نقصد .
أولاً – إلى توجيه الطلاب إلى أن السمو الروحي ، والإشراق القلبي ، والتخلق بمعالي الأخلاق ، والتحلي بمكارمها ، استبطاناً للفضائل – وهو ما يستهدفه ( التصوف ) المستقيم كان سمة سلفنا الصالح ، وعنوانهم الذين كانوا يعيشون به في الحياة .
فالتصوف بهذا المعنى العملي حقيقة من حقائق الإسلام الأصيلة ، أو هو على التحقيق روح الإسلام وحقيقته الكبرى .
ثانياً – إلى تنبيه الباحثين في ( التصوف ) إلى وجوب ربط بحوثهم بأصل هذا ( الفن ) في الإسلام ، وإلى تفجير منابعه الإسلامية الأصيلة حتى يظهر للعقول السليمة ما يتجنى به بعض من يكتب في هذا ( الفن ) من المسلمين وغيرهم ليجعلوا منه ( فناً ) أجنبياً عن الإسلام . لإغفالهم هذا الربط ، وتجريد النظر إلى ( التصوف النظري ) المتفلسف ، حتى يباعدوا بين حياة المسلمين في يومهم وبين حياة أسلافهم الذين كانوا يحيون بقلوبهم وعقولهم وأرواحهم حياة قوية مشرقة ، فتحت لهم مغاليق الحقائق الكونية ، وأظهرتهم على أسرار الوجود فسادوا بالعدل والرحمة ، والعمل الدائب لخير الإنسانية وخير الحياة كلها .