بحسب الرواية المشهورة لدى السنة، لم يهاجر أحد من
المسلمين إلى المدينة المنورة علانية إلا عمر بن الخطاب، حيث لبس سيفه ووضع
قوسه على كتفه وحمل أسهما وعصاه القوية، وذهب إلى الكعبة حيث طاف سبع
مرات، ثم توجه إلى مقام إبراهيم فصلى، ثم قال لحلقات المشركين المجتمعة:
"شاهت الوجوه، لا يُرغم الله إلا هذه المعاطس، من أراد أن تثكله أمه ويوتم
ولده أو يرمل زوجته فليلقني وراء هذا الوادي". فلم يتبع أحد منهم إلا قوم
مستضعفين أرشدهم وعلمهم ومضى [24].لكن ورد في طبقات ابن سعد: أن عمر بن
الخطاب تواعد سراً مع عياش ابن أبي ربيعة للخروج إلى المدينة المنورة عند
إضاءة بني غفار، ولم يخرج علانية [25].ووصل عمر المدينة المنورة ومعه ما
يقارب العشرين شخصاً من أهله وقومه، منهم أخوه زيد بن الخطاب، وعمرو وعبد
الله أولاد سراقة بن المعتمر، وخنيس بن حذافة السهمي زوج ابنته حفصه، وابن
عمه سعيد بن زيد أحد المبشرين بالجنة. ونزلوا عند وصولهم في قباء عند رفاعة
بن عبد المنذر. وكان قد سبقه مصعب بن عمير وابن أبي مكتوم وبلال وسعد
وعمار بن ياسر.وفي المدينة المنورةآخى النبي محمد بن عبد الله بينه وبين
أبو بكر [25] وقيل عويم بن ساعدة [26] وقيل عتبان بن مالك [27] وقيل معاذ
بن عفراء [25]، وقال بعض العلماء أنه لا تناقض في ذلك لاحتمال أن يكون
الرسول قد أخى بينه وبينهم في أوقات متعددة [28].