خصائص أرواح الأولياء في الأمة المحمدية عن سائر الأمم

قالوا : إن الأرواح كلها لطيفة ، ليست ثقيلة ولا كثيفة كالأجسام ، تسرح وتمرح حيث شاء الله ، إن كانت مأذونة ولم تكن مسجونة ، فعلى هذا تكون هذه الأمة كسائر الأمم في ذلك المعنى . ولا شك أن لها اختصاصاً أيضاً بزيادة تصرفات لأرواحها ، ليس لغيرها من الأمم السابقة مشاركة معها فيه ، كما خصها الله تعالى - عن سائر الأمم - بخصائص لا تكاد أن تحصى .
وإذا كان الأمر كذلك ، فلعلمائها العاملين ، وأوليائها العارفين : زيادة مزيّة ومزيد اختصاص في تلك المنقبة العلية ، ولأئمة علمائها كالإمام الأعظم والشافعي ، والإمام مالك : من ذلك أعظم المزايا ، ويتزايد الحال بمزيد العلم والصحبة الشريفة إلى أن ينتهي الشرف الأعلى والمجد الأسنى - كما بدأ - إلى نبي هذه الأمة سيدنا محمد صلى الله تعالى عليه وسلم ، نبي الشفاعة والرحمة ، فإن له اختصاصاً في خصوص ذلك المعنى على سائر أولي العزم من المرسلين .
ألا ترى أن منصب الشفاعة له صلى الله تعالى عليه وسلم ، ليس لأحد منه شيء ، إلا أن يكون بإذنه صلى الله تعالى عليه وسلم ، كما أنه لا يشفع إلا بإذن من ربه تعالى ؟ .
ألا ترى أنه لا يجوز لأحد أن يتوسل بأحد إلى الله تعالى من خلقه إلا به صلى الله تعالى عليه وسلم ؟ .
وألا ترى أنه رأى موسى عليه السلام ورأى الأنبياء في بعض السماوات ، ولم يرهم إلا بالمعنى الذي أراده الله تعالى له ، وأراد الله تعالى وضع هذا الكتاب لأجله ؟ . وحينئذٍ ، فقد عرفت بهذا تمام تصرفه صلى الله تعالى عليه وسلم في الكون ، وغاية سيره في الوجود للغوث والعون . على أن جسمه الشريف صلى الله تعالى عليه وسلم الذي هو منا بأنفسنا أولى ، هل هو مقيم في مقامه الشريف أو لا ؟ ففي كتاب الحافظ السيوطي المسمى بـ ( تنوير الحِلَك في إمكان رؤية النبي صلى الله تعالى عليه وسلم والملك ) ، عن أنس أنه صلى الله تعالى عليه وسلم قال : إن الأنبياء لا يتركون في قبورهم .
وفيه أيضاً : أخرج البيهقي عن أنس ، عن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : الأنبياء لا يتركون في قبورهم أربعين ليلة ولكنهم يُصلّون بين يدي الله تعالى حتى ينفخ في الصور .
وفيه أيضاً : روى الإمام سفيان الثوري قال : قال شيخ لنا عن سعيد ابن المسيب : قال : « ما مكث نبي في قبره أكثر من أربعين ليلة حتى يرفع » .
قال البيهقي : « فعلى هذا يكون كسائر الأنبياء » .
قلت : بل أجلُّ وأخص لزيادة الرفع والرفعة في المكان والمكانة والله تبارك وتعالى أعلم . وروى عبد الرزاق في مصنفه عن الثوري عن أبي المقدام ، عن سعيد بن المسيب قال : « ما مكث نبي في الأرض أكثر من أربعين ليلة » .
وأخرج إمام الحرمين في تاريخه ، والطبراني في الكبير وأبو نعيم في الحلية ، عن أنس قال : قال رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم : ما من نبي يموت فيقيم في قبره إلا أربعين صباحاً .
وأن إمام الحرمين في ( النهاية ) والإمام الرافعي في ( الشرح ) رويا أن النبي صلى الله تعالى عليه وسلم قال : أنا أكرم على ربي من أن يتركني في قبري بعد ثلاث . وزاد إمام الحرمين : « وروي : أكثر من يومين » .
وفيه أيضاً : ذكر أبو الحسن بن الزعفراني الحنبلي في كتبه حديثاً : إن الله تعالى لا يترك نبياً في قبره أكثر من نصف يوم .
ويوضح الإشكال ما في الكتاب المذكور ، وهو أيضاً في كتاب ( مصباح الظلام في المستغيثين بسيد الأنام صلى الله تعالى عليه وسلم في اليقظة والمنام ) للحافظ ابن النعمان المغربي ، من أن أعرابياً جاء إلى المقام الشريف على صاحبه أفضل الصلاة والسلام ، فسلم ثم قال : يا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، قد قلت فوعينا قولك ، وكان فيما أُنزل عليك : ولو أنهم إذ ظلموا أنفسهم جاءوك فاستغفروا الله واستغفر لهم الرسول لوجدوا الله تواباً رحيم وقد ظلمت نفسي وجئتك مستغفراً ، وأرجوك أن تستغفر لي . فنودي من المقام : إنه قد غفر لك ، فهذا النص الصريح المقبول الصحيح : يدل على أنه صلى الله تعالى عليه وسلم مقيم في مقامه موجود .
ويوضح الإشكال ما في كتاب السيوطي أيضاً من أن السيد نور الدين الأيجي وقف بالروضة الشريفة ثم قال : ( السلام عليك أيها النبي ورحمة الله وبركاته ) ، فسمع من كان بحضرته من المقام الشريف يقول : وعليك السلام يا ولدي .
وأن الشيخ أبا بكر الديار بكري وقف بإزاء وجه النبي صلى الله تعالى عليه وسلم فقال : السلام عليك يا رسول الله صلى الله تعالى عليه وسلم ، وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم رد عليه السلام .
وأن امرأة هاشمية كانت مجاورة بالمدينة الشريفة ، وكان بعض الخدام يؤذيها ، وأنها شكت ذلك للنبي صلى الله تعالى عليه وسلم ، فسمعت قائلا من الروضة الشريفة يقول : أما لك فيَّ أسوة ؟ فاصبري كما صبرت ، أو كما قال .
وأن الأستاذ سيدي أحمد الرفاعي نفعنا الله ببركاته ، لما حج وقف غاية الحجرة الشريفة وأخذ يقول :

في حالة البعد روحي كنت أرسلها تقـبل الأرض عني وهي نائبتي
وهذه دولة الأجساد قد حضــرت فامدد يمينك كي تحظى بها شفتي

وأنه صلى الله تعالى عليه وسلم مد يده الشريفة له ، فقبلها وعادت .
ومما يوضح الإشكال ، قوله صلى الله تعالى عليه وسلم : رأيت ليلة الإسراء أخي موسى قائماً في قبره بالكثيب الأحمر يصلي . وأعجب من ذلك ما نقله المؤرخون من أن نوحاً عليه السلام نقل آدم عليه السلام معه في السفينة خشية عليه من الطوفان ، وأن يعقوب عليه السلام كان مدفوناً بـ( القرافة ) ، وأن يوسف عليه السلام ولده مدفوناً بمصر ، وأنهما نُقِلا إلى بيت المقدس ، ليجمع بينهما وبين آبائهما .

جزاك الله خير الجزاء اخي

جزاك الله خير الجزاء شكرا

بارك الله فيكم اخي الطيب

» خصائص آية الكرسي
» خصائص شهر رمضان