المعنى الحقيقي للأخوة
معنى أخٌ في اللغة هو : من جمعك وإياه صلب أو بطن أو رضاعة .ومن معانيه أيضاً : المشارك لغيره في معتقد أو رأي أو صفة (1) .
وقد وردت هذه اللفظة في القرآن الكريم (96) مرة بمشتقاتها المختلفة ، منها قوله تعالى : إِنَّما الْمُؤْمِنونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ واتَّقوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمونَ الحجرات : 10 .
أما في السنة النبوية المطهرة : فعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال : قال رسول الله : … كونوا عباد الله إخواناً ، المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يخذله ولا يحقره (2) .
وفي الاصطلاح الصوفي : يقول الشيخ أبو بكر محمد الصولي : « الأخ : هو من تلقاه في الغيبة ، وتأنس بذكره في الخلوة ، وتعذره من غير معذرة ، وتنبسط إليه من غير حشمة ، ولا تخفي منه ما يعلمه الله منك ، وتأمن بغيبته كما تأمن بمشاهدته » (3) .
ويقول الشيخ أحمد الرفاعي الكبير : « أخوك : هو الذي يحل لك أكل ماله بغير إذنه ، هو الذي تسكن نفسك إليه ويستريح قلبك به » (4) .
ويقول الشيخ الأكبر ابن عربي : « الأخ : من يعرف حال أخيه في حياته وبعد ما يواريه » (5) .
ويقول الشيخ أبو المواهب الشاذلي : « أخوك : هو من وافقك في الأخلاق - وكان عنده ما عندك من الإشراق - فكان معك في حضرة البقاء ، وموطن السعادة باللقاء » (6) .
ويقول الإمام محمد ماضي أبو العزائم : « الإخوان : هم هياكل متعددة سرت فيهم روح واحدة ، كالجسد الواحد تعددت أعضاؤه ولكنه واحد ، فإذا تألم عضو منه شعر بالألم كل الجسد ، فكذلك الأخوان يتألمون جميعاً لألم أحدهم ، غنيهم فقير ، لأنه يؤثر الفقير على نفسه ، وفقيرهم غني ، لأنه كامل بربه ، صفت قلوبهم فتجملت ظواهرهم » (7) .
ويقول الشيخ محمد النبهان : « الأخ : هو الركن الركين في السير . وإذا غلبتك نفسك فعليك بأخيك الصادق » (
.
أما في فضل الأخ الصالح ، فيقول الصحابي عمر بن الخطاب - رضي الله تعالى عنه - : « ما أعطي عبد بعد الإسلام خيراً من أخ صالح » (9) .
وفي فضل لقاء الإخوان يقول الشيخ الحسن البصري قدس الله سره : « لقاء إخواننا في الله أحب إلي من لقاء أهلينا وأولادنا ، لأن أهلنا يذكروننا بالدنيا وإخواننا يذكروننا بالآخرة » (10) .
وفي أنواع الإخوان يقول الشيخ أحمد بن عجيبة : « الإخوان ثلاثة : أخ لأخرتك فلا تراع فيه إلا الإيمان ، وأخ لدنياك فلا تراع فيه إلا الخلق ، وأخ للناس فلا تراع فيه إلا السلامة من شره » (10) .
ومما قاله الصوفية في هذا الباب : قول الشيخ الحسن البصري قدس الله سره : « أعز الأشياء ... أخ في الله ، إن شاورته في دنياك وجدته متين الرأي ، وإن شاورته في دينك وجدته بصيراً به » (11) .
ويقول الإمام محمد الباقر - عليه السلام - : يقول : « بئس الأخ يرعاك غنياً ، ويقطعك فقيراً » (12) .
ويقول الشيخ أبو عبد الرحمن السلمي : « قال بعض الحكماء : بئس الأخ أخ تحتاج أن تعتذر إليه ، وبئس الأخ أخ تحتاج أن تستقرضه ، وبئس الأخ أخ تحتاج أن تقول له اذكرني في دعائك » (13) .
ويقول الشيخ الفضيل بن عياض : « الأخوة في الله تعالى : هي مواجهة ، قال الله تعالى : إِخْواناً عَلى سُرُرٍ مُتَقابِلينَ الحجر : 47 ، ومتى أضمر أحدهما للآخر سوءاً أو كره منه شيئاً ولم ينبهه عليه حتى يزيله أو يتسبب إلى إزالته منه فما واجهه بل استدبره » (14) .
أما رأي الطريقة الكسنزانية في الأخوة : فهي علاقة روحية مصدرها شيخ الطريقة ، وغايتها تحقيق أرقى مراتب الكمال للفرد والمجتمع من خلال الاقتداء الكامل ( الظاهري والباطني ) بأقوال وأفعال وأحوال حضرة الرسول الأعظم صلى الله تعالى عليه وسلم (15) .
وفي معنى الأخوة في الدين أيضاً يقول الشيخ أبي عبد الرحمن السلمي : « قال بعضهم : الأخوة في الدين : التزام الشفقة والتضحية للإخوان ظاهراً وباطناً » (16) .
وفي ذكر منشأ أخوة الدين يقول الشيخ نجم الدين الكبرى : « إن إخوة النسب إنما تثبت إذا كان منشأ النطف صلباً واحداً ، فكذلك أخوة الدين منشأ نطفها صلب النبوة وحقيقة نطفها نور الله . فإصلاح ذات بينهم يرفع حجب أستار البشرية عن وجوه القلب ، ليتصل النور بالنور من روزنة القلب ليصيروا كنفس واحدة » .
وفي سبب وقوع الأخوة يقول الشيخ أبو طالب المكي : « الأخوة تقع بين الاثنين في المجانسة ، وقرب الشبه في الأفعال والأخلاق » .
وفي عظم حق الأخوة يقول الشيخ إبراهيم بن أدهم : « من قال لأخيه أعطني من مالك فقال : كم تريد ؟ فما قام بحق الأخوة » (17) .
وفي أخوّة المؤمنين وأخوّة الأسماء الإلهية يقول الشيخ الأكبر ابن عربي : « قال الله تعالى : إِنَّما الْمُؤْمِنونَ إِخْوَةٌ الحجرات : 10 ، فجعل أباهم الإيمان ، فهم أخوة لأب واحد » .
ويقول أيضاً : « إن المقام الجامع للأسماء الإلهية التي لها التأثير في الممكنات أخ صحيح الأخوة شقيق للمقام الجامع لاستعدادات القوابل الممكنات ، وهما أخوان لأب واحد يشد كل منهما أزر صاحبه ، ولكن الأسماء هي الطالبة للاستعدادات أن يشد الله بها أزرها ... أما المؤاخاة بين الأسماء الإلهية فلا تكون إلا بين الأسماء التي لا منافرة بينها لذاتها » .
وفي الأخوة بين العالم والإنسان يقول : « لا يغتر الإنسان بكونه روح العالم فيقول : أنا أشرف منه ، هو أخوك ، العالم والإنسان توأمان فاعرف أباك وأمك » . ويقول : « من صحت عنده الأخوة ... تظهر عليه آثار الفتوة » (18) .
ويقول الإمام علي بن أبي طالب عليه السلام : « عليكم بالإخوان ، فإنهم عدة الدنيا وعدة الآخرة » (19) .
ويقول الشيخ الفضيل بن عياض : « إني لا أعتقد إخاء الرجل في الرضا ، ولكني أعتقد إخاءه في الغضب إذا أغضبته » (22) .
ويقول الشيخ الغزالي : « إن التحاب في الله تعالى والأخوة في دينه من أفضل القربات ، وألطف ما يستفاد من الطاعات في مجاري العادات ولها شروط بها يلتحق المتصاحبون بالمتحابين في الله تعالى وفيها حقوق بمراعاتها يصفو الأخوة عن شوائب الكدورات ونزعات الشيطان ، فبالقيام بحقوقها يتقرب إلى الله زلفى ، وبالمحافظة عليها تنال الدرجات العلى » (23) .
_______________
1-المعجم العربي الأساسي
2-صحيح مسلم
3- حقائق التفسير للشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
4- قلادة الجواهر في ذكر الغوث الرفاعي واتباعهاالأكابر للشيخ محمد أبو الهدى الصيادي الرفاعي
5- مخطوطة نبذة لطيفة وكلمات طريفة للشيخ ابن عربي
6- قوانين حكم الإشراق للشيخ أبو المواهب الشاذلي
7- شراب الأرواح للشيخ محمد ماضي أبو العزائم
8- السيد النبهان ، العارف بالله المحقق والمربي الصوفي المجاهد للكاتب هشام عبد الكريم الآلوسي
9-علم القلوب للشيخ أبو طالب المكي
10-إيقاظ الهمم في شرح الحكم للشيخ أحمد بن عجيبة
11-التابعي الجليل الحسن البصري - رضي الله عنه - للحافظ أبي الفرج بن الجوزي
12-العباب الزاخر في تاريخ الإمام محمد الباقر - عليه السلام - للكاتب جميل إبراهيم حبيب
13- حقائق التفسير للشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
14-عوارف المعارف للشيخ عمر السهروردي
15-موسوعة الكسنزان فيما اصطلح عليه أهل التصوف والعرفان للسيد الشيخ محمد الكسنزان الحسيني
16-المقدمة في التصوف وحقيقته للشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
17-تفسير روح البيان للشيخ إسماعيل حقي البروسوي
18-الفتوحات المكية للشيخ ابن عربي
19-مشكاة الأنوار في غرر الأخبار للشيخ علي الطبرسي
20-طبقات الصوفية للشيخ أبو عبد الرحمن السلمي
21 -إحياء علوم الدين للغزالي